1‏/10‏/2012

تشكيل الجيش الأحمر للعمّال والفلاّحين في الصين

   في هذه الفقرات يروي ماوتسي تونغ بكلّ دقّة تفاصيل تأسيس الجيش الأحمر للعمّال والفلاّحين في الصين، هذا النص مقتطف الفصل الخامس من كتاب "نجم أحمر فوق الصين" لادغار سنو وهو عبارة عن مقابلة صحفية مع ماوتسي تونغ.
====================
" في الأوّل من تموز عام 1927 قاد هولونغ وييه تينغ بالتعاون مع تشوتيه، الجيش العشرين في انتفاضة نانتشانغ التاريخية والتي ثبّتت بداية تشكيل وتنظيم الجيش الأحمر. وبعد هذا التاريخ بأسبوع دعت اللجنة المركزية لاجتماع لها فوق العادة وأقرت إقصاء تشن توهسيو عن أمانة اللّجنة. و منذ أن كنت عضوا في المكتب السياسي للجنة في المؤتمر الثالث في كانتون عام 1924 ساهمت فعليّا في اتّخاذ هذا القرار. وقد حضر هذا الاجتماع عشرة آخرون أذكر منهم: تساي هوشنغ، ومنغ كونغ تا، وتشوتشيو باي. اتّخذ الحزب سياسة جديدة، وقطع كلّ شكل في اللّقاء مع الكومنتانغ الذي أصبح أداة بيد الإمبريالية وأثبت انعدام قدرته في تحمّل مسؤولية الثورة الديمقراطية، وبدأ بعدها الصّراع المكشوف على السلطة الذي استمرّ حتّى يومنا هذا.


كلّفني الحزب بالتوجّه إلى تشانغشا لتنظيم حركة اشتهرت فيما بعد باسم: "تمرّد محصول الخريف" كنت أطالب في برنامجي بالنّقاط الخمس التالية:
(1) فصل فرع الحزب في الولاية عن الكومنتانغ تماما.
(2) تنظيم جيش ثوري من العمال والفلاحين.
(3) مصادرة ممتلكات الإقطاعيين الصغار والمتوسطين والكبار.
(4) إقامة سلطة الحزب الشيوعي في هونان بشكل مستقلّ عن الكومنتانغ.
(5) تنظيم السوفيتات.
كان الكومنترن يعارض النقطة الخامسة بشدة ولكنه عاد فرفعها كشعار فيما بعد.
في شهر أيلول خطونا نحو تنظيم تمرّد شامل من خلال الاتحادات الفلاحية في هونان، وتشكلت الوحدات الأولى من جيش العمال والفلاحين. كان التجنيد في الجيش الثوري يتم من خلال ثلاث مجالات رئيسية هي الفلاحون وعمال المناجم في هانيانغ والقوات المتمردة على الكومنتانغ، وسمّيت هذه القوّة العسكرية الثوريّة "بالفرقة الأولى لجيش العمال والفلاحين الأوّل" وقد تشكلت الكتيبة الأولى من عمال مناجم هانيانغ وتمخضت الثانية من الحرس الفلاحي لمقاطعة بينغ كيانغ ولي لينغ ومقاطعتين أخريين في هونان، أمّا الثالثة فتشكلت من جزء من قوات حامية ووهان والتي أعلنت تمرّدها ضدّ وانغ تشينغ وي. أخذت لجنة الفرع الحزبيّة لمقاطعة هونان على عاتقها مهمة تنظيم هذا الجيش لكون اللجنة المركزية معارضة لبرنامج لجنة الفرع في هونان. واكتفت باتخاذ السياسة السلبية معتمدة على مراقبة الأوضاع بدلا من المجابهة الإيجابية.
وأثناء تجوالي لتنظيم الجيش ذهابا وإيابا بين عمال مناجم هانيانغ، والحرس الفلاحي قامت قوة من المنتوآن والذين يعملون مع الكومنتانغ باعتقالي، وكانت موجة الإرهاب لدى الكومنتانغ في أوجها إذ قام بقتل مئات المتهمين الشيوعيين، فاتّخذت القوة أمرا بنقلي إلى المقر الرئيسي للمنتوآن حيث بات من المحتم إعدامي واستدنت بضع عشرات من الدولارات من رفيق لي محاولا رشوة الحراس لإطلاق سراحي. كان الجنود العاديون من المرتزقة ولم يكن لديهم أدنى اهتمام في قتلي ووافقوا على إطلاق سراحي غير أنّ المسؤول عنهم حال دون ذلك، لذا قررت الهرب ولم تُتح لي فرصة لذلك إلاّ عند وصولنا على بعد 200 يارد عن المقر الرئيسي للمنتوآن. في تلك اللحظة استطعت فكّ قيودي والقفز باتجاه الحقول إلى أن وصلت موقعا مرتفعا فوق مستنقع تحيطه النباتات العالية واختبأت هناك حتّى المغيب. تابعني جنود المنتوآن وأرغموا بعض الفلاحين على مساعدتهم في البحث عني وشعرت بهم على مقربة مني في أحيان كثيرة، وأكثر من مرّة كانوا قريبين مني لدرجة كان بمقدوري سماع همسهم، ولكنهم لم يكشفوا مكان وجودي، ومع غروب الشمس يئسوا من العثور عليّ وأقفلوا عائدين. بدأت مسيرتي التي استمرّت طوال الليل، كنت حافي القدمين وأصبت بعدة جروح في قدمي.
أثناء مسيرتي صادفني أحد الفلاحين فآواني في بيته وقادني بعد ذلك إلى المقاطعة الثانية. كان لديّ سبع دولارات اشتريت بها حذاءا، ومظلة وبعض الأطعمة. ولمّا وصلت إلى الحرس الفلاحي لم أكن أملك أكثر من درهمين.
بعد تشكيل الفرقة الجديدة تسلمت مسؤولية اللجنة الحزبية للجيش كما أصبح يوشاتو (وهو قائد قوات حامية ووهان سابقا) قائدا للجيش الأوّل، إلاّ أنّه فرّ بعدها بقليل وانضمّ إلى الكومنتانغ وهو يعمل حاليا مع تشيانغ كاي تشيك في نانكينغ.
تحرّك الجيش الصغير الذي يقود التمرّد الفلاحي نحو هونان وكان عليه أن يخترق صفوف الآلاف من قوّات الكومنتانغ وقد قاتل في عدّة معارك وتلقّى عدّة ضربات، لم يكن الانضباط بعد قد دخل مرحلة عالية كما كان التأهيل السياسي والتدريب العسكري محدودا جدّا. يضاه إلى ذلك، وجود عناصر متردّدة بين الضبّاط و الجنود أدّى إلى فرار العديد منهم.
بعد فرار يوشاتو أعيد تنظيم الجيش مع وصول نينغ كو، وأصبح تشنغ هاو قائدا لما تبقّى من القوات التي تقلّص عددها إلى كتيبة واحدة فقط، ولكن تشنغ خان هو الآخر وبالرغم من ذلك فإنّ الغالبية من المجموعة الأولى بقيت موالية للحزب حتّى النهاية. ولا زال حتّى اليوم رجال منهم في الجيش الأحمر مثل لويان هوي المفوض السياسي لفرقة الجيش الأولى ويانغ لوسو وهو أحد القادة العسكريين حاليا. كان عدد المجموعة لا يتجاوز الألف مقاتل عندما تسلّقنا جبل تشينغكا نشان(1). وكنتيجة لاعتراضات اللجنة المركزية على برنامج "تمرد محصول الخريف" وللخسائر الجسيمة التي لحقت صفوف الجيش الأول، اعتبرت الحركة فاشلة وتبرّأت منّي اللّجنة المركزية وتمّ فصلي من المكتب السياسي ومن لجنة الجيش الحزبية، كما هاجمتنا لجنة هونان الفرعية ووصفتنا بـ"حركة البندقية"، إلاّ أنّنا أعدنا بناء جيشنا وتنظيمه في تشينغكا نشان وثبّتنا تماسك صفوفنا ونحن على قناعة بصحة مسيرتنا، وقد جاءت الأحداث اللاحقة لتدعم موقفنا بقوة إذ بدأت حركة تطوّع واسعة، أعدنا على إثرها بناء الفرقة من جديد وتسلّمتُ مسؤولية قيادتها.
منذ شتاء عام 1927 وحتى خريف عام 1928 بقيت الفرقة الأولى متمركزة في مواقعها في تشينغكا نشان، وفي تشرين الثاني عام 1927أنشئ أوّل سوفيات في تسالين على الحدود الهونانية وتمّ انتخاب أوّل حكومة شعبية، أصبح توتسونغ مينغ رئيسا لها. وقد اعتمدنا في هذا السوفيات برنامجا ديمقراطيا وسياسة مرنة تعتمد على التطور البطيء والمتناسق، لذا بدأت اتهامات انقلابيي الحزب المطالبين بسياسة إرهابية تقوم على الغزو والحرق وقتل الإقطاعيين كوسيلة لهدم معنوياتهم، إلاّ أنّ لجنة الجيش الأوّل لم تأخذ بهذا التكتيك رغم اتهاماتهم لنا بالإصلاحيين.
انضمّ إلى الجيش الأحمر اثنان من قادة اللّصوص في تشينغكا نشان في شتاء عام 1927، وهما وانغ تسو ويوآن ون تساي، وأضافا ما يقارب الثلاث كتائب لجيشنا. وعيّن كلّ منهما قائدا لكتيبة في الوقت الذي كنت فيه قائدا للجيش. وقد ساهما بشكل فعّال مع قوّاتهما في الثورة الوطنية رغم كونهما لصّين سابقين. أمّا الآن فقد أعلنا عن استعدادهما لمحاربة الرجعية، وكانا أثناء وجودي في تشينغكا نشان يأتمران بأمر الحزب ويعملان ضمن مخطّطاته، ولكنّهما عادا إلى ممارسة اللّصوصيّة فيما بعد فقام الفلاّحون الذين انتظموا في السوفيتات بتنفيذ حكم الإعدام بهما إذ كانوا قادرين على حماية أنفسهم.
في أيار من عام 1928 وصل تشوتيه إلى تشينغكا نشان واندمج مع قواتنا وقمنا بوضع خطط مشتركة لإقامة ستة مناطق سوفياتية لتثبيت وتعزيز السلطة الشيوعية تدريجيا في مناطق الحدود بين هونان وكيانغسي وكوانغتونغ. وباستعمال هذه المناطق كقاعدة انطلاق نحو مزيد من المناطق الأخرى المحرّرة. كانت هذه استراتيجية معارضة لتوصيات الحزب التي تطالب بالتوسّع السّريع. وكان عليّ بالتعاون مع تشوتيه أن نناضل ضدّ نزعتين: الأولى الدّاعية إلى التقدّم نحو تشانغشا حالا واعتبرناها مغامرة، والنّزعة الثانية الداعية إلى الانسحاب إلى جنوب كوانغتونغ واعتبرناها نزعة انهزامية. وكانت مهماتنا الرئيسية آنذاك تتلخّص في توزيع الأراضي وإقامة السوفيتات وكنّا نتطلّع إلى تسليح الجماهير للإسراع في إنجاز هذه المهامّ. كانت سياستنا في تلك الفترة تدعو إلى التجارة الحرّة ومعاملة الأسرى من قوّات الأعداء معاملة كريمة وطيّبة، وعلى وجه العموم دعونا لإقامة تحسينات ديمقراطية.
عُقد مؤتمر تمثيلي في تشينغكا نشان في خريف عام 1928 وحضره ممثلون عن المقاطعات السوفياتية في الشمال، كانت الخلافات في الرأي قائمة بين الأعضاء الحزبيين في المقاطعات المحررة في المسائل الآنفة الذكر. وقد طُرحت في هذا المؤتمر وجهات نظر مفصلة، وبالرغم من أنّ الأغلبية وقفت إلى جانبنا إلاّ أنّه كان هناك أقلية معارضة تعتبر هذه السياسة طريقا إلى الحدّ من السّلطة الشعبية. وعند التصويت فاز قرارنا بدون معاناة. وعلى الرّغم من ذلك، فلم تصل إلينا موافقة لجنة الحزب المركزية على حركتنا هذه، ولم نحصل على موافقة منها إلاّ في شتاء عام 1928 عندما وصلنا تقرير عن محاضر جلسات المؤتمر السادس للحزب المنعقد في موسكو.
وضعت قرارات المؤتمر السادس تلخيصا لتجربة ثورة 1925 1927 وتجارب تمرّد نانتشانغ وكانتون ومحصول الخريف، وانتهى بالإقرار والتأكيد على الحركة الفلاحية، في هذه الفترة بدأت الجيوش الحمراء تظهر في مناطق أخرى من الصّين إذ قامت تمرّدات في الشّرق والغرب من هوبيه في شتاء عام 1927. وأهّلت الوضع لقيام سوفيتات جديدة، كما بدأ هولونغ في الغرب وهسوهاي تونغ في الشرق في تنظيم الجيوش العمالية والفلاحية، وأصبحت منطقة عمليات الأخير نواة سوفيات أو يووان، والتي ذهب إليها في وقت لاحق هوهسيانغ تشيين، وتشيانغ كووتاو. كما بدأ فانغ تشيه مين وهسياو شيه نينغ حركة على الجدود الشمالية الشرقية لكيانغسي – فوكيين في شتاء عام 1927. وتطوّرت من خلالها قاعدة سوفياتية قوية. وبعد فشل تمرّد كانتون، قاد بنغ باي جزءا من القوّات الموالية لهايلوفنغ وأقام سلطة شعبية هناك، ولكنّه اتّبع سياسة انقلابية مرتجلة ممّا أدّى إلى تحطيمه بعد فترة وجيزة، ولم يتبقّ من جيشه سوى جزء قاده كوتا تشين الذي أجرى اتّصالات مع تشوتيه ومعي، وأصبح فيما بعد نواة الجيش الأحمر الحادي عشر. في ربيع عام 1928 بدأ الأنصار ينشطون في هسينغكو وتونغكو في كيانغسي بقيادة لي ون لونغ ولي ساو تشو، كما كانت تنطلق هذه الحركة من قاعدة لها حول كيان وأصبح هؤلاء الأنصار فيما بعد نواة الجيش الثالث. بينما أصبحت المقاطعة نفسها قاعدة للحكومة المركزية الشعبية، وأقام تشيانغ تنغ تشن وتينغ تزو هوي (قتل فيما بعد) وهو باي تيه (والذي أصبح اشتراكيا ديمقراطيا فيما بعد) أقاموا سوفيتات في فوكيين الغربية.
إبّان النّضال ضدّ النزعة المغامرة في تشينغكا نشان، حقّق الجيش الأوّل انتصارا على محاولتين من الجيش الأبيض لاستعادة الجبل. وبذا أثبت تشينغكا نشان أنّه قاعدة ممتازة صالحة لجيش متحرّك كالجيش الذي تمّ بناؤه هناك. كان بالإضافة إلى حصانته الطبيعيّة يحوي على محصولات إنتاجية تكفي لتمويل جيش صغير. كان يبلغ قطر الجبل 80 لي. كان يُدعى محليّا بـ "تاهسيو ووتشين" والذي اكتسب تسميته هذه من وجود خمسة آبار للماء على جوانبه. وتدعى: تا، هسياو، شانغ، هسيا، تشونغ. أي الكبير والصّغير والأعلى و الأسفل والمتوسّط. وقد سميّت القرى الخمس المتواجدة على هذا الجبل بأسماء هذه الآبار.
بعد اندماج قواتنا في تشينغكا نشان، أعيد تنظيم الجيش وولد بذلك الجيش الأحمر الرابع الشهير، وتسلّم تشوتيه قيادته كما أصبحت مفوّضه السياسي، والتحقت بنا قوات أخرى في تشينغكا نشان بعد تمردات متعددة في جيش هو شيين في شتاء عام 1928. وشكّل هؤلاء الجيش الأحمر الخامس والذي قاده بينغ تيه هواي. وكان تنغ بنغ (الذي قتل في تسون يي أثناء المسيرة الكبرى) مساعدا له، كما كان هوانغ كوونو (الذي قتل في كوانغسي عام 1931) وتيين تيه يوآن من قادة هذا الجيش.
بدأت الأحوال المعيشية في الجبل تزداد سوءا نتيجة ازدياد عدد القوات المتواجدة فيه، إذ لم يكن لدى القوات ملابس عسكرية كما أصبح الطّعام شحيحا. وكنّا نعتمد لمدّة أشهر طويلة على "القرع" ممّا دفع بالمقاتلين لابتداع شعارات مثل "كلوا القرع ولتسقط الرّأسماليّة" إذ كانت تعني عبارة الرّأسماليّة بالنسبة لهم الإقطاعيين ومنتوجاتهم من القرع. بعد أن غادر بنغ تيه هواي تشينغكا نشان زحف تشو تيه واخترق حصارا للقوات البيضاء وبذا انتهت أوّل إقامة لنا على هذا الجبل في كانون الثاني من عام 1929.
بدأ الجيش الرابع حملة جديدة جنوب كيانغسي ونجحنا في إقامة سوفيتات جديدة في تونغكو حيث اتّحدنا مع قوات حمراء محلية وبعد توزيع القوات تابعنا حملتنا وأقمنا سوفيتات في يونغ تنغ وشانغ هنغ ولونغ ييه، وقد عمل على مساعدتنا في تحقيق هذه الانتصارات المتتالية وجود حركات جماهيرية منظّمة قبل وصولنا إلى هذه المناطق، كما ساهمت هذه الحركة في إرساء قواعد السوفيتات بسرعة. اتّسع تأثير الجيش الأحمر من خلال الحركات الجماهيرية الفلاحيّة والأنصار إلى عدّة مقاطعات أخرى استطاع بعد فترة وجيزة أن يقيم السلطات الشعبية فيها.بدأت أوضاع الجيش الأحمر تأخذ في التحسن من الناحية المادية والسياسية رغم أنّه استمرّت بعض الاتجاهات السيئة. كانت روح التكتل تؤدي إلى إضعاف الانضباط وإلى مبالغات في الاتجاهات الديمقراطية وفي تسيب تنظيمي كما كان من مهماتنا محاربة ظواهر الانفلاش و عدم الميل لحلّ المهمّات الجديدة للحكومة أو التراخي أمامها، والنزعة المغامرة، وظواهر الرّوح العسكريّة التقليدية التي دفعت بعض القادة لإساءة معاملة المقاتلين وصلت إلى حدّ ضربهم أحيانا وإلى حدّ التفريق في المعاملة بعلاقات مزاجية.
واستطعنا التخلّص من العديد من هذه الظواهر بعد عقد المؤتمر الحزبي التاسع للجيش الأحمر الرابع في غرب فوكيين في كانون أوّل من عام1929. وتناول مناقشة كافة الآراء لتطوير الجيش وسوّى الكثير من الإشكالات الناجمة عن سوء الفهم. كما أقرّ تبنّي خطط جديدة تضع الأساس لتشكيل متطوّر وقيادة واضحة ايديولوجيّا. وقبل انعقاد هذا المؤتمر كانت الظواهر السيئة المذكورة تكاد تشكّل خطرا جديا على الجيش كما كانت منفذا تستغلّه فئة تروتسكيّة في الحزب لتحطيم قوّة الحركة. فواجهناهم بنضال ايديولوجي عنيف وجرّدنا الكثير منهم من مسؤولياته الحزبيّة، ومهامهم في قيادة الجيش. كما لاحظ الحزب نواياهم لتحطيم الجيش الأحمر عن طريق جرّه إلى مواقع صعبة في معاركه ضدّ العدوّ. كانوا يقفون باتجاه مهاجمة برامجنا وكلّ ما ندعو إليه بشكل حادّ، وبعد أن أثبتت التجربة خطأ تصوّراتهم عُزلوا من المسؤوليات التي كانوا يمارسونها. وفقدوا أيّ تأثير لهم بعد مؤتمر فوكيين. مهّد هذا المؤتمر الطّريق لتأسيس السّلطة السّوفياتيّة في كيانغسي والتي سجّلت انتصارات هائلة في السنة اللاّحقة إذ تمكّن الجيش الأحمر من تحرير كلّ جنوب كيانغسي تقريبا وأقام القاعدة المركزية للمناطق السوفييتية الوسطى.
في السابع من شباط عام 1930 عُقد مؤتمر حزبي فرعي في جنوب كيانغسي كانت له أهمية واضحة من خلال مناقشة البرنامج المستقبلي للسوفيتات. وقد حضره ممثّلون عن الحزب والجيش والحكومة الشّعبيّة. وناقشوا مسائل السياسة الزراعيّة بإسهاب وانتصر الموقف المضاد للخط الانتهازي الذي يقف ضد إعادة توزيع الأراضي واتّخذت قرارات تقضي بإعادة توزيع الأراضي و الإسراع في تشكيل المجالس الشعبيّة. كان الجيش الأحمر قد أنشأ مجالس شعبيّة محليّة فقط بذلك قرّر المؤتمرون إقامة حكومة سوفياتية على مستوى ولاية كيانغسي. وحاز هذا القرار على تأييد مطلق من الفلاحين الذين قاموا بدعم هذا البرنامج بقوّة واستعداد ممّا ساعدنا في الأشهر اللاحقة على سحق عمليّة جيوش الكومنتانغ التي كانت تستهدف إبادتنا".
-------------------
(1)- تشينغكا نشان: هو حصن جبلي منيع كان يرتاده اللّصوص في الفترة السّابقة ويقع على الحدود الهونانيّة الكيانغسيّة.  



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق