ملاحظة المكتبـة:
هذا النصّ هو جزء من دراســة مطوّلة بعنـوان "مـاوتسي تــونغ في
مواجهـة منتقديـه"، و قد أنجزها الماركسيون اللينينيّون المـاويّون في تــونس
وقــاموا بنشرها.
وقد ورد في مدخل هذه الدّراســة ما يلي:
" شغل ماو تسي تونغ اهتمام العديد من الدارسين و كُتبت حوله مؤلفات كثيرة ، وقد أنصفه
البعض معتبرا إياه من القادة الشيوعيين العظام الذين كانت لهم إضافاتهم وإبداعاتهم
في مجالي النظرية والممارسة الثوريتين ، بينما نظر إليه آخرون على انه مجرد قائد
برجوازي مفتون بشخصيته ، و لا نبتغي هنا تناول مختلف ما قيل حوله وإنما سنركز
نظرنا فقط على تحليل آراء بعض منتقديه الأكثر شهرة وبالأخص أولئك الذين يعبرون عن
وجهتى نظر التحريفيتين الخروتشوفية والخوجية و سنحاول فيما يلي تتبع المسائل
الكبرى المثارة في هذا المجال مخضعين إياها إلى التحليل و النقد ".
===============
يرى منتقدو ماو أن فهمه لقانون التناقض هو فهم
ميكانيكي و لكن دون أيّــة حجّة في أغلب الحالات فعوضا عن تبيان فهمه لهذا القانون
و تحليله له يسرعون إلى إطلاق صفة "الميكانيكي"، أمّا كيف تم ذلك ؟ و
أين ؟ فلا ينبسون ببنت شفة؟! وسرعان ما يختبئون وراء لينين فيشيرون إلى تمظهر
التناقض في الرياضيات والكيمياء و الفيزياء الخ… و كأن ذلك كفيل بأن يجعلنا
نصدّقهم و نكذّب ماو.
و هذه إستراتيجية
بائسة يلجأ أصحابها إلى النصوص الماركسية الكلاسيكية فيقتطفون منها ما يريدون
متغافلين عن النظر إلى المسألة موضوع الحديث و ذلك كي يقنعوا القارئ بأنهم يدافعون
عن الماركسية وبالتالي ينبغي تصديق افتراءاتهم تماما مثلما هو حال شيوخ الجماعات
الدينية الذين يتركون التحليل جانبا ويهرعون إلى النصوص المقدسة لإضفاء الشرعية
على ما يقولونه. ولا غرابة في هذا الشبه، فإذا كان الشيوخ يؤكدون أن القرآن صالح
لكل مكان وزمان فان أصحاب وجهة النظر تلك لا يجدون غضاضة في الحديث عن
"الماركسيين اللينينيين في أي مكان وزمان"!، و بالتأكيد فإن ماركس نفسه
لا يمكن إلا أن يصيح في مثل هذه الحالات: أيها السادة: "لست ماركسيا"،
فأي معنى للحديث عن ماركسيين لينينيين عابرين للمكان و الزمان ؟ انه الجمود العقائدي
الذي يسوغ لأصحابه التورط في إثبات هذه الفكرة أو تلك دون مناقشتها و تحويل الماركسية
من مرشد للعمل إلى عقائد وطقوس فأصحاب هكذا وجهة نظر غير مدركين للفارق الجوهري
بين طريقتين منهجيتين في التعاطي مع المسائل موضوع التحليل. فالطريقة العلمية
تقتضي التحليل و التركيب ثم رفد ذلك بالاستشهادات أما الطريقة الوثوقية
(الدغمائية) فهي تلك التي تنطلق من النص وتخضع المسائل المطروحة له. هذا من جهة، و
من جهة ثانية ماذا يفيد القول بان الديالكتيك يتمظهر بحسب لينين في كذا و كذا و
نحن نناقش وجهة نظر ماو الذي لا يقول عكس ذلك ؟ لقد اتهم هؤلاء ماو بالميكانيكية
غير أن تحليلا موجزا لما يقولونه و هو ما نحاول القيام به يثبت أنهم هم من كان
ضحية للمنهج الميكانيكي.
تنظر الفلسفة الماركسية إلى الظواهر المختلفة باعتبارها متحركة
متحولة فهي لا تثبت على حال فالحركة مطلقة و السكون مؤقت وكان الفيلسوف اليوناني
هراقليطس الذي وصفه لينين بأب الديالكتيك قد قال :"لا يمكنك أن تستحم في
النهر الواحد مرتين"، فالكون برأيه "لم يخلقه أي اله و لا أي إنسان كان
وهو كائن وسيكون، شعلة حية متوهجة أبدا، تحترق وتنطفئ حسب قوانين محددة"، فلا
شيء ثابت غير التحول والتبدل.
و ما يجعل التحول ممكنا هو التناقض في صلب الأشياء فهي تحمل في
داخلها أسباب تغيرها، يقول ستالين: "إن النضال بين الأضداد، بين القديم و
الجديد، بين ما يموت و ما يولد، بين ما يتفسخ وما يتطور هو المحتوى الداخلي
لسيرورة التطور و تحول التغيرات الكمية إلى تغيرات كيفية"(1) و
هو ما يعني أن التناقض داخلي لا خارجي فالأشياء لا تنمو وتتغير بفعل أسباب خارجية
كما يرى الميتافيزيقيون، فكل ظاهرة لها تناقضاتها الداخلية وهي التي تحرك تطورها
وبالتالي المسؤولة عن سيرورتها، لأجل ذلك اعتبر لينين "التطور هو نضال
الأضداد"(2) .
و لكن هل يعني ذلك أن الظروف الخارجية المحيطة عديمة التأثير؟
كلا ، فالأشياء مترابطة ببعضها البعض ( الترابط العام بين الظواهر) فالماء مثلا لا
يتحول إلى ثلج أو بخار إلا في علاقة بالحرارة و لكن الحرارة تظل عديمة التأثير لو
لم توجد التناقضات الداخلية في الماء نفسه . و على هذا النحو فإن التناقض الداخلي
محدد في تطور الظواهر أما العوامل الخارجية فتلعب دورا ثانويا ، يقول جورج
بوليتزار متمثلا أطروحة ماو بخصوص المسألة نفسها: "التناقضات الكامنة في
الأشياء و الظواهر هي السبب الرئيسي لنموها ، بينما صلة الشيء أو الظاهرة
المتبادلة مع الأشياء أو الظواهر الأخرى و تأثيرها عليها إنما هي أسباب
ثانوية"(3) ثم يعلق قائلا: "وهذا ما لا يرضاه الذهن
الميتافيزيقي فهو مجبر علي تفسير جميع التغيرات بواسطة تدخلات خارجية ، لأنه يجهل
التناقضات الداخلية التي تكوّن الواقع و تدفع إلى التغيير الكيفي"( 4).
إنّ ما ذكرناه يتيح لنا أن نستنتج أن الماركسية تنظر إلى التناقض
على أنه يتصف بخاصيتين أساسيتين ، و هما أنه يوجد داخل الأشياء من جهة و أنه من
جهة ثانية يحدد تطورها و تغيرها ، و لكن ما هي العلاقة بين المتناقضات الموجودة
ضمن الأشياء ؟ إن الإجابة عن هذا السؤال تمكننا من الوقوف على الخاصية الثالثة
للتناقض و هي وحدة المتناقضات ( أو الأضداد) و الصراع فيما بينها ، فحتى يكون هناك
تناقض في صلب الأشياء ينبغي أن توجد قوتان متضادتان على أقل تقدير، ففي الحياة
الاجتماعية لا توجد هذه الطبقة أو تلك إلا في علاقة بوجود نقيضها، و عندما تزول
آخر طبقة مستغلة أي البرجوازية نهائيا فان نقيضها الذي هو البروليتاريا يزول بدوره
، و عوضا عن المجتمع الطبقي يولد المجتمع اللاطبقي.
و الصراع بين الأضداد كما يقول لينين مطلق بينما الوحدة بينها
مشروطة ومؤقتة ونسبية، و كان لماو تسي تونغ دورا بالغ الأثر في بلورة التصور
الماركسي حول التناقض ، فقد خص هذه المسألة ببحث فلسفي متميز ألقاه سنة 1937 على
منبر الكلية الحربية والسياسية في مدينة يانان، و نشر بعد ذلك في مؤلفاته المختارة
. و قد أكد فيه أن قانون التناقض في الأشياء هو القانون الأساسي في الديالكتيك
المادي و وضع كهدف لهذا البحث تصفية الحساب مع الجمود العقائدي و التيارات
المثالية مبينا أن هناك نظرتان متضادتان للعالم ، وجهة النظر الميتافيزيقية ووجهة
النظر الديالكتيكية فإذا كان الميتافيزيقيون ينظرون إلى تطور الأشياء من حيث
الزيادة و النقصان فإن الديالكتيكيين ينظرون إلى ذلك من حيث انقسام الواحد إلى
ضدين يرتبطان ببعضهما البعض بروابط متبادلة، فأسباب تطور الأشياء توجد داخلها لا
خارجها فـ"التناقضات الكامنة في باطن الأشياء هي التي تسبب تطورها"(5) كما
أن الأشياء تتبادل التأثير فيما بينها غير أن ذلك التأثير يظل ثانويا قياسا إلى
العوامل الداخلية فـ"التناقض الكامن في باطن الأشياء هو العلة الأساسية في
تطورها أما الصلة القائمة و التأثير المتبادل بين شيء و آخر فهو علة ثانوية"(6).
ولقد دقق ماو الأمر مشيرا إلى أن الأسباب الخارجية هي عامل التبدل أما الأسباب
الداخلية فهي أساس التبدل، وعندما تفعل الأسباب الخارجية فعلها في هذه الظاهرة أو
تلك، فان ذلك يحصل عبر الأسباب الداخلية نفسها، فإذا ما انتصرت البرجوازية على
البروليتاريا فتفسير ذلك أن السبب الداخلي و هو ضعف البروليتاريا و سيادة
الانتهازية داخلها قد مكن البرجوازية من أن تنتصر ،
يقول ماو :"إن جيشين يلتحمان في معركة فينتصر أحدهما وينهزم الآخر. والنصر
والهزيمة على حد السواء تقررهما أسباب باطنية. إن أحدهما ينتصر إما بسبب قوته و
إما بسبب قيادته الصحيحة، و ينهزم الآخر إما بسبب ضعفه و إما بسبب أخطاء في
القيادة ، فالأسباب الخارجية تفعل فعلها عن طريق الأسباب الباطنية"(7) و
يقدم مثالا تاريخيا واقعيا يؤكد ذلك فالبرجوازية الصينية
انتصرت على البروليتاريا سنة 1927 مستغلة سيطرة الانتهازية على الحزب الشيوعي، وعندما
تمت تصفية الانتهازية عاودت الثورة الصينية تقدمها(8) .
و لقد استحضر ماو الفلاسفة العظام الذين كان لهم فضل تطوير
النظرة الديالكتيكية، بدءا من فلاسفة اليونان الذين اتصف الديالكتيك لديهم بطابع
العفوية، و هيجل الذي كانت مساهمته هو الآخر عظيمة غير انه ظل أسير النزعة
المثالية الصوفية ، وصولا إلى ماركس و أنجلس اللذين أمكنهما تنقية الديالكتيك من
تلك الشوائب و "استنباط النظرية العظيمة نظرية المادية الديالكتيكية و
المادية التاريخية"(9) و هو ما طوره لاحقا كل من لينين
وستالين . و لم تكن دراسة ماو للتناقض دونما غاية عملية فحسم هذه المسألة و اكتساب
نظرة ديالكتيكية للعالم من شأنه أن يجعل مهمة انجاز الثورة ممكنة.
و عوض أن يعرض منتقدو ماو لهذه القضية و غيرها التي بلورها ماو و
هو يحلل مسألة الديالكتيك نراهم يلصقون النعوت دون سند كما ذكرنا ويقفزون من قضية
إلى أخرى، فهم بعد اتهام ماو بالميكانيكية يتركون الجانب الفلسفي للمسألة ويتّجهون
ناحية مناقشة المثال الذي يقدمه ماو لتبيان معنى التناقض ، فطالما أن ماو قد قال
بأن التناقضات الطبقية تنعكس في الحزب الشيوعي، و أن الأفكار الصحيحة و تلك
الخاطئة تتصارع داخله، فإنه بالنتيجة يعتبر أن الحزب الشيوعي هو حزب جميع الطبقات
فيفقد بذلك صفته البروليتارية ، وبهكذا استنتاج يحسم أصحاب هذه الادعاءات الأمر
فماو لا علاقة له بالماركسية اللينينية .
و لا يكاد المرء يضبط أنفاسه و هو يتأمل هذا الاكتشاف العظيم
الذي يتحفنا به البعض حتى يكتشف ادعاء آخر لا يقل عنه غرابة فالحزب الشيوعي لدى
ماو ليس حزب جميع الطبقات، وإنما هو حزب يتصارع داخله فريقان من الطبقة العاملة .
و يحتار المرء في أمر منتقدي ماو فهل يقول ماو بأن الحزب الشيوعي هو "حزب
جميع الطبقات" أم "حزب تيارين متصارعين ضمن الطبقة العاملة" ؟ ثم
هل انقسام الطبقة العاملة إلى تيارات سياسية متصارعة رغبة ماوية أم حقيقة موضوعية
؟
يخلط أصحاب تلك الدعاوى بين أطروحتين متضادتين بخصوص التناقض في
صفوف حزب الطبقة العاملة ، تقول الأولى بوجوب إيجاد ذلك التناقض بصورة إرادية،
بينما تقول الثانية بأن ذلك التناقض يوجد بصورة موضوعية من حيث هو انعكاس لما
يعتمل داخل المجتمع من صراع بين الطبقات . و ما يراه ليس فقط ماو و إنما أيضا
ماركس و أنجلس ولينين و ستالين هو أن الصراع الطبقي ينعكس في الحزب الشيوعي ذاته
مما يجعل موضوعيا الخطوط تتصارع داخله(10)، و دور الخط البروليتاري
الثوري هو التصدي للانحرافات و الأخطاء التي يمكن أن يقع فيها شيوعيون جيدون و أيضا
للمؤامرات والدسائس التي يمارسها أعداء صريحون ، يتسللون إلى الحزب بغاية تخريبية.
وقد أدى الخلط المذكور بأصحاب تلك الدعاوى إلى استنتاج أنّ ماو يرى أن حياة
الحزب تتوقف تماما إذا ما انعدمت التناقضات داخله و خلا من العناصر الانتهازية، و
هذا محض إدعاء فقد كان على أصحاب تلك الرؤى التدليل عليه بحجة مقنعة لا أن يطلقوه
جزافا و لكن لنقرأ بعض ما قاله ماو عن ضرورة استئصال الانتهازية ليس من داخل الحزب
الشيوعي فقط و إنما أيضا من سائر القوى الشعبية، يقول ماو: "في عام 1927
أصبحت القوى الشعبية التي يقودها الحزب الشيوعي ضعيفة جدا تحت ضربات قوى
الكيومنتانغ الرجعية لكنها تعاظمت من جديد بصورة تدريجية بعد أن استأصلت
الانتهازية من صفوفها"(11). و مثلما بينّا سابقا فقد اعتبر وجود
الانتهازية داخل الحزب الشيوعي الصيني العامل الأساسي الذي يفسر انتصار البرجوازية
على البروليتاريا سنة 1927.
و يصل الارتباك النظري لدى نقاد ماو درجة مثيرة للشفقة فهم
يأخذون على ماو قوله أن الواحد ينقسم إلى اثنين و يضعون تعارضا بينه و بين لينين
على هذا الصعيد ، و الواضح أنهم يريدون التدليل على الاختلاف الجوهري بين لينين و
ماو بهذا الخصوص غير أننا نلاحظ تطابق وجهتي نظر القائدين الشيوعيين، فماو يقول إن
الواحد ينقسم إلى اثنين و لينين يقول الشيء ذاته فالواحد لدى لينين مزدوج التكوين
أي يتضمن جزأين متناقضين، و قد أحال ماو نفسه إلى هذا القول في بحثه حول
الديالكتيك، أما ما زاد عن ذلك من استنتاج أن ماو يقول بأن الطبقة العاملة يجب أن
تتضمن في ذاتها نقيضين، و أنه يشرع وجود الخطين في حزبها و يعتبر ذلك أمرا ضروريا
فهو محض افتراء.
و إذا كان ماركس و أنجلس و لينين و ستالين يقولون بأن حزب الطبقة
العاملة يقوم على أساس الوحدة الإيديولوجية و السياسية و يجمع بين صفوفه طليعة
البروليتاريا فإن ماو يقول الشيء نفسه ، و بالتالي فإن إقامة تناقض بين القادة
الخمسة على هذا المستوى لا يستقيم .
و بخصوص الصراع بين الخطين يدّعي نقاد ماو، كما ذكرنا، أنه يقول
بضرورة وجود ذلك الصراع فالقول المنسوب إلى ماو " خارج حزب توجد أحزاب أخرى
وحتى في إطار الحزب الواحد توجد تكتلات وهو أمر كان دائما هكذا" لا يفيد أن
ماو يريد للصراع بين الخطوط أن يوجد، و إنما هو يصف حالة موضوعية لا سبيل إلى
إنكارها، أ فلا توجد أحزاب متصارعة حتى خلال المرحلة الاشتراكية ؟ أ لا تحاول
البرجوازية تنظيم صفوفها سرا في هذا الحزب أو ذاك للعودة إلى السلطة ؟ أ لا توجد
تكتلات داخل الحزب الشيوعي نفسه فتحاول الخطوط الرجعية نسفه من الداخل ؟ أ لم يكن
الأمر هكذا بالنسبة الى الحزب الاشتراكي الديمقراطي الروسي و ما شهده من صراع بين
المناشفة و البلاشفة أو بالنسبة إلى الحزب الشيوعي السوفياتي حيث وجدت فيه كتل
انتهازية مثل الترتسكيين و الزينوفيافيين وغيرهم ؟ ثم أ لم يفقد الحزب هويته
الشيوعية و تحول نهائيا إلى حزب تحريفي انتهازي جراء نجاح التحريفيين في القضاء
عليه من داخله ؟ فمن أين جاء خروتشوف و بريجينيف وغورباتشوف و يلتسين ، أليس من
داخل الحزب نفسه ؟ يقول ماو :"إنّ الصراع بين الخطين في صلب الحزب سيتواصل
مدة طويلة أيضا باعتباره انعكاسا لهذه التناقضات، انه سيحصل أيضا عشرة مرات، عشرون
مرة، ثلاثون مرة وسيظهر عديد من لين بياو ... انه أمر لا يخضع لمشيئة
الإنسان" و من السهل ادراك أن ماو لا يشرّع صراع الخطين و لا يصطنعه، و إنما
ينظر إليه باعتباره أمرا موضوعيا لا يخضع لمشيئة الإنسان وإرادته، فهو ظاهرة
مرتبطة بانقسام المجتمع إلى طبقات ذلك الانقسام الذي ينعكس بالضرورة على الحزب
الشيوعي كما ذكرنا.
وهذا الذي أشار إليه ماو يجب أن نستنتج منه ضرورة المضي بعزيمة
قوية لتأسيس تلك الأحزاب في شتى البلدان، والاستعداد الدائم لمواجهة الخطوط و
الكتل والعناصر الانتهازية لا العكس فمسيرة الثورات ليست مفروشة بالورود فـ"
الثورة ليست مأدبة و لا كتابة مقال ولا رسم صورة و لا تطريز ثوب ، فلا يمكن ان
تكون بمثل تلك اللباقة و الوداعة و الرقة، أو ذلك الهدوء و اللطف و الحب والتسامح
و ضبط النفس ، إن الثورة انتفاضة وعمل عنف تلجأ إليه إحدى الطبقات للإطاحة بطبقة
أخرى"، و حياة الأحزاب البروليتارية ليست بالصورة التي يراها نقادنا، و
الطريق إلى الشيوعية وعر وصعب ، و مهمة الشيوعيين إدراك المخاطر و المثابرة على
الكفاح و الثورة، و مواجهة الأعداء سواء كانوا داخل الحزب أم خارجه.
و ما يقوله ماو بخصوص الصراع بين
الخطين تعضده وجهة نظر ستالين الذي قال في لحظة من لحظات الصراع ضد
الانتهازية انه ليس لدينا في الحزب البلشفي خط موحد بل هناك الخط الثوري اللينيني
و خط بوخارين الانتهازي ، لنقرأ ما قاله ستالين: "و الحقيقة أنه في الواقع
ليس لدينا خط موحد ، إنه يوجد خط ، هو خط الحزب، الخط الثوري اللينيني ، ولكن يوجد
بالتوازي خط آخر، هو خط مجموعة بوخارين الذي يحارب خط الحزب... إن الخط الثاني هو
خط انتهازي"(12) و يذكر ستالين أن تاريخ الحزب البلشفي مليء
بالوقائع التي تؤكد الصراع بين الخطين فغداة ثورة أكتوبر رفض بعضهم و على رأسهم
زونفياف وكامنياف تولي المناصب التي أسندت لهم، مطالبين بتغيير سياسة الحزب و
تشكيل حكومة وفاق يشارك فيها المناشفة و الاشتراكيون الثوريون، بينما اتجهت اللجنة
المركزية ناحية تشكيل حكومة بلشفية الخ...
و إذا كان منتقدو ماو يعتقدون أن ستالين قد عمد إلى طرد العناصر
و الكتل الانتهازية بينما أبقى عليها ماو فإن هذا اعتقاد زائف. فبالعودة إلى وقائع
التاريخ ومؤلفات ماو نفسها نجد أن الحزب الشيوعي الصيني قد اطرد مرارا و تكرارا
مثل تلك القوى. وبخصوص وحدة و صراع الأضداد يضع نقادنا جدارا بين ماو وستالين
محاولين إبراز أن القائدين الشيوعيين على خلاف كبير غير أن الكتاب الذي يستندون
إليه لترويج هذا الزعم و هو المجلد الخامس لا يعتد به، و هو مصدر غير معترف به من
قبل الماركسيين اللينينيين الماويين عبر العالم . و المهم هنا أن نقادنا يزعمون أن
ماو أهمل صراع الأضداد بينما رفع من شأن وحدتها كما يتهمونه بإنكار قانوني التحول
النوعي و نفي النفي ، و هذا يعني انه إذا ما أضفنا إليه ما قيل بخصوص التناقض فأن
ماو ينكر قوانين المادية الجدلية كافة. غير أن مركز الثقل في هذا الاتهام هو أن
ماو يعتبر "أن وحدة الأضداد هي القانون الأساسي للديالكتيك" وقد أراد
ماو بذلك كما يقول هؤلاء تبرير مواقف خاطئة ورجعية تتمثل في إبقاء الصراع بين
الطرفين المتناقضين دون حل فتارة يتغلب الطرف الايجابي و طورا الطرف السلبي و هكذا
إلى ما لا نهاية.
و لكن لنصغي إلى ما يقوله ماو بخصوص صراع الأضداد و وحدتها:
"إن كل طرف من طرفي التناقض في عملية تطور شيء ما يستلزم وجود الطرف الآخر
المتناقض معه كشرط مسبق لوجوده هو، و إن الطرفين يتواجدان في كيان واحد ، و أن كل
طرف من الطرفين المتناقضين يتحول تبعا لعوامل معينة إلى نقيضه، وهذا هو ما يقصد
بالوحدة"(13) و كلام ماو هذا ليس إلا تعبيرا آخر عن كلام
لينين بخصوص نفس الموضوع لذلك استشهد به ماو مباشرة بعد حديثه السابق حيث أورد ما
يلي" لقد قال لينين : إن الديالكتيك هو النظرية التي تدرس كيف يمكن للضدين أن
يكونا متحدين و كيف يصيران متحدين و في أية ظروف يكونان متحدين و يتحول أحدهما إلى
نقيضه ولماذا ينبغي للفكر الإنساني ألا ينظر إلى هذين الضدين كشيئين ميتين جامدين
بل كشيئين حيين مشروطين قابلين للتبدل وتحول أحدهما إلى نقيضه"( 14 ).
و من الخطأ استنتاج إنكار ماو للصراع بين المتناقضين مما تقدم
ذكره، فإذا كان كل طرف يتحول إلى نقيضه فإن ذلك يعني أن الصراع بينهما هو الذي
يفسر عملية التحول تلك، غير أن نقادنا لا يفهمون سيرورة التحول هذه ، فاعتقدوا أن
الأمر يتعلق بصراع دائري تارة ينتصر العنصر الايجابي وطورا العنصر السلبي،وهذا
النقد لا علاقة له بالماركسية و إنما نجده لدى بعض المفكرين البرجوازيين في نقدهم
للديالكتيك الماركسي. إن موقف هؤلاء النقاد يصدر عن جهل بما قاله ماو و لينين في
نفس الوقت فبينما يقول ماو "إن الطرفين المتناقضين في أية عملية هما متعارضان
و متصارعان و متضادان فيما بينهما و يوجد هذان الطرفان المتناقضان دون استثناء في
عمليات تطور جميع الأشياء في العالم وفي الفكر البشري"(15) يحرك
هؤلاء رؤوسهم وقد وضعوها في الرمال قائلين: "فكرة التحول الذي ينفي خلاله أحد
الضدين الآخر معدومة لدى ماو و كذلك فكرة نفي النفي"!! و لكن ما حيلة ماو
أمام هؤلاء عندما يؤكد: "إن كل طرف من الطرفين المتناقضين يتحول تبعا لعوامل
معنية إلى نقيضه"(16).
لنتحدث الآن عن وحدة الأضداد وكيف نظر إليها ماو و لينين ؟ في
تعريفه للوحدة يقول ماو(17 ):
"إنّ يتواجدان في كيان واحد" و يقول
لينين: "إن الديالتيك هو إدراك التناقضات في و حدتها"(18) و
يقول أيضا: "يمكن تعريف الديالكتيك بأنّه مذهب وحدة المتناقضات"(19) غير
أن ذلك كما ذكرنا مؤقت ونسبي والصراع بينهما مطلق لذلك يتحولان ويتبدلان طبقا
لسيرورة تطورهما التي لا تتوقف، و الوحدة إنما تعني على وجه التحديد الدقيق أن كل
طرف يستلزم ضرورة وجود نقيضه و إذا انعدم أحدهما انعدم الآخر، يقول ماو:"إنّ
كل عنصرين متضادين هما بفعل عوامل معينة متعارضان من جهة ومترابطان متمازجان
متداخلان يعتمد بعضهما على بعض من جهة أخرى، و هذا هو المقصود بالوحدة"(20) و
حتى يجعل ماو المسألة جلية يقدم أمثلة تبين ذلك فلا حياة دون موت ولا موت دون
حياة، لا تحت دون فوق و لا فوق دون تحت، لا فلاحين دون إقطاعيين ولا إقطاعيين دون
فلاحين، لا بروليتاريا دون برجوازية و لا برجوازية دون بروليتاريا الخ...
وهذا الذي أشرنا إليه هو الوجه الأول فقط لمسألة الوحدة أما
الوجه الثاني و هو الأهم فيتمثل في تحول كل طرف إلى نقيضه، يقول ماو: " هل
يكفي أن نقول فقط أن كل طرف من طرفي التناقض يشكل شرطا لوجود الطرف الآخر ، و أن
ثمة وحدة بينهما، و لذلك يمكنهما أإن يتواجدا في كيان واحد ؟ كلا، لا يكفي ذلك
فالأمر لا ينتهي عند حد الاعتماد المتبادل في البقاء بين الطرفين المتناقضين و
إنما الأهم من ذلك هو تحول أحدهما إلى نقيضه، وهذا يعني أن كلا من الطرفين
المتناقضين في شيء ينزع، بسبب عوامل معينة، إلى التحول إلى الطرف المناقض له، و أن
ينتقل إلى مركز نقيضه، هذا هو المعنى الثاني لوحدة طرفي التناقض"(21).
يؤكد ماو إذن أن الأهم من وحدة الأضداد هو الصراع بينها غير أنه لا يتجاهل الوحدة
وإنما يؤكدها فذلك ما يبينه الديالكتيك المادي، غير أن هؤلاء النقاد يتهمونه بعكس
ذلك كما أسلفنا ، مضيفين أنه يترك التناقضات دون حل فتارة يتغلب هذا الطرف وطورا
يتغلب نقيضه في لعبة لا تنتهي أبدا (هكذا).
و ماو المتمثل جيدا لما تقره الفلسفة الماركسية يرى أن الأشياء
لا تدور في حلقة مفرغة من حيث تطورها و إنما ترتقي من مرحلة دنيا إلى مرحلة عليا ،
يقول: "إن توطيد ديكتاتورية البروليتاريا أو ديكتاتورية الشعب يعني بالضبط
تهيئة الظروف لتصفية هذه الديكتاتورية و التقدم إلى مرحلة أعلى مرحلة يتم فيها
القضاء على جميع أنظمة الدولة ، و أن تأسيس الحزب الشيوعي و تطويره يعني بالضبط
تهيئة الظروف للقضاء على الحزب الشيوعي و جميع أنواع الأحزاب السياسية ، و أن
تأسيس الجيش الثوري بقيادة الحزب الشيوعي و القيام بالحرب الثورية يعني تهيئة
الظروف للقضاء على الحرب للأبد"(22).
يتوج تطور البشرية إذن بالقضاء على المجتمع الطبقي و اضمحلال
الدولة وتلاشي الأحزاب جميعها وزوال الحرب الخ... فأين هذا من القول بدوام الحال المنسوب
لماو أيها السادة ؟!
و يعرض النقاد لمسألة النقد و النقد الذاتي داخل الحزب ويضعونها
في تعارض مع مسألة تطهير الحزب من العناصر الانتهازية ، معتبرين أن ماو يرى أن
التناقضات داخل الحزب الشيوعي تحل بطريقة النقد والنقد الذاتي. و هذا برأيهم موقف
خاطئ ، أما الموقف الصائب فيمثله ستالين الذي يرى أن الحزب يقوم بتطهير نفسه من
العناصر الانتهازية، و كأن النقد بوجهيه يتعارض فعلا مع عملية التطهير و بهذا لا
يدركون وشائج الصلة القوية بين هذا وذاك فالنقد بوجهيه سلاح أساسي يعتمده الحزب
الشيوعي في محاربة الأخطاء والانحرافات، وهو يفضي في حالات الاستعصاء إلى نبذ/طرد
الحزب للتيارات و العناصر الانتهازية من بين صفوفه، و قد اعتمد الحزب الشيوعي
الصيني بقيادة ماو هذا الأسلوب مرارا وتكرارا كما ذكرنا سابقا.
لأجل هذا فإن التعارض بين ستالين و ماو على هذا الصعيد هو محض
اختلاق، أما إذا كان نقادنا يعتقدون أن ستالين نبي لا ينطق عن الهوى فيكفر كل من
يخالفه الرأي ويقطع رأسه في الحين فتلك مسألة أخرى فالماركسيون و ستالين من بينهم
يتروون و يناقشون القضايا موضوع الخلاف، و لا يطهرون صفوفهم من الانتهازيين
إلا بعد تقديم الحجج والأدلة، و على أية حال فإن ستالين الذي يقدمه لنا النقاد ليس
ستالين الحقيقي و إنما ستالين الأسطوري الذي أنتجه خيال إقطاعي مهووس بالشخصيات
العجائبية، فستالين الحقيقي استعمل سلاح النقد و النقد الذاتي بكفاءة وجادل خصومه
بالحجة و التحليل، فنقد انحرافات تروتسكي و زينوفياف وبوخارين و غيرهم و كتب في
ذلك ما كتب و لم يمارس الحزب الشيوعي السوفياتي في ظل قيادته التطهير عشوائيا، وإنما قام بذلك بعد حملات نقد واسعة.
و يزعم نقادنا أن ماو لم يطرد العناصر الانتهازية، كما يدسون
معلومة تاريخية خاطئة فيذكرون أن دنغ سياو بنغ أرسل إلى الريف لإعادة تثقيفه و
ليعود بعد ذلك إلى الحزب بينما تمت تلك العودة بعد وفاة ماو والانقلاب الذي قاده
هواكوفينغ. ويتهمون ماو أيضا بالمثالية والسقوط في الخرافة و الأخذ بأفكار لاوتسو(23) حول
السعادة و الشقاء . و بالعودة إلى مؤلفات ماو نلاحظ كيف نظر إلى لاوتسو والمذهب
التاوي باعتباره مذهبا رجعيا فقد كان معارضا عنيدا للتاوية و شن الحزب الشيوعي تحت
قيادته حربا لا هوادة فيها ضد هذا المذهب وغيره من المذاهب المتماثلة معه مثل
الكونفشيوسية ، ورسم ماو خط الفصل ين الشيوعية والخرافة المتفشية بين أوساط الشعب
داعيا إلى نشر الثقافة البروليتارية باعتبارها ثقافة الطبقة التي تقود الثورة
يقول: "بما أن الثورة الصينية اليوم لا يمكن أن تستغني عن قيادة البروليتاريا
الصينية فإن الثقافة الجديدة للصين اليوم لا تستطيع أيضا أن تستغني عن قيادة
الثقافة أو الإيديولوجية للبروليتاريا الصينية أي عن قيادة الايدولوجيا الشيوعية
"(24). وهذه الثقافة تتصادم بالضرورة مع الخرافة التي تقوم مقام
النقيض منها، يقول: "إن ثقافة الديمقراطية الجديدة هذه ثقافة علمية تعارض
سائر الأفكار الإقطاعية و الخرافية وتنادي بالبحث عن الحقيقة من الوقائع وبالالتزام
بالحقيقة الموضوعية"(25) كما دعا إلى نبذ كل مساومة على هذا
المستوى أي انه في المجال الثقافي ( الإيديولوجي ) لا تهادن مع التيارات المثالية
و إنما يجب خوض حرب مفتوحة ضدها ، يقول ماو: "يمكن للفكر العلمي للبروليتاريا
الصينية أن يقيم جبهة متحدة ضد الامبريالية و الإقطاعية و الخرافات مع أولئك
الماديين و العلماء الطبيعيين من البرجوازية الصينية الذين مازالت فيهم روح تقدمية
ولكن لا يمكنه في أي حال من الأحوال أن يقيم جبهة متحدة مع أية نزعة مثالية
رجعية"( 26). و إذا كان ماو يرى في المجال السياسي إمكانية انضمام
بعض المثاليين و رجال الدين للجبهة المناهضة للامبريالية و الإقطاع ، فإنه يشدد في
نفس الوقت على التصدي لنزعاتهم المثالية والدينية ، وهو يعتبر الكونفشيوسية منوعة من
منوعات الثقافة شبه الإقطاعية قائلا: "توجد في الصين أيضا ثقافة شبه إقطاعية
تعكس السياسة و الاقتصاد شبه الإقطاعيين و الذين يدعون إلى عبادة كونفشيوس ودراسة
الكتب الكونفشيوسية و ينادون بالالتزام بالأخلاق والآداب القديمة و الأفكار
القديمة و يناهضون الثقافة الجديدة والأفكار الجديدة هم جميعا ممثلو هذه
الثقافة"(27).
و عندما أنجز ماو تسي تونغ تحقيقه الشهير عن حركة الفلاحين في
خونان (مارس 1927) لم تفته الإشارة إلى مقاومة نفوذ رجال الدين وضرورة تحويل
المعابد إلى مدارس والإقلاع عن تقديم القرابين إلى الآلهة ، لنقرأ ما يقوله:
"أما السلطان الديني فقد تزعزع هو الآخر في كل مكان بتطور حركة الفلاحين و قد
استولت اتحادات الفلاحين في أماكن كثيرة على معابد الآلهة و جعلتها مكاتب لها، و
تدعو الاتحادات في كل مكان إلى تحويل ملكية المعبد للصرف على فتح مدارس للفلاحين و
الإنفاق على الاتحادات و يسمي الفلاحون هذا المال بدخل الخرافة العام، و في
محافظة ليلينغ أصبح حظر ممارسة الخرافة و تحطيم الأصنام أمرا شائعا، و في المراكز
الشمالية في هذه المحافظة حظر الفلاحون مواكب البخور التي كانت تنظم إرضاء لإله
الأمان ... و قام الفلاحون و مدرسو المدرسة الابتدائية بتحطيم الأصنام الخشبية ، و
استخدموا خشبها لطهي اللحم"(28) . ويروي ماو حكاية طريفة
تبين كيف استقبل الفلاحون دعوته القاضية بمناهضة الدين وما يقترن به من خرافة فقد
خاطبهم قائلا: "إن هؤلاء الآلهة مساكين عاجزون ، لقد عبدتموهم قرونا عديدة و
لم يطيحوا لكم بواحد من العتاة المحليين الأشرار أو الوجهاء الأشرار والآن تريدون
تخفيض الإيجارات وأود أن أسألكم ما هو سبيلكم لتحقيق هذا ؟ هل بالآلهة أم بجمعية
الفلاحين ؟"(29) فماذا كان رد الفلاحين على كلام ماو؟ يجيب
ماو: "لقد قهقه الفلاحون لسماعهم كلماتي هذه"(30)، هكذا تكلم
ماو الذي وصفه نقادنا بالمثالية ووضعوا بينه و بين الماركسية جدار فصل زاعمين أنه
ينكر قانون التناقض ، و لم يكن ذلك صيحة في واد و إنما كان رديفا لممارسة ثورية
حولت البلد الأكبر عالميا من حيث عدد سكانه من ظلام القرون الوسطى و سيطرة
الامبريالية و الإقطاع إلى التحرر الوطني الديمقراطي و الاشتراكية .
و لكن لنتأمل من جديد ما يقوله
هؤلاء بخصوص التناقض، إنهم ينكرون وجود طرف رئيسي وطرف ثانوي ضمن التناقض الأساسي
و يعلنون معارضتهم لتعيين ماو لطرفي التناقض على هذا النحو. وهم لا يدركون أن
المادية الديالكتيكية لا تنظر لطرفي التناقض دون تحديد دور كل منهما بالنسبة الى
لآخر ، يقول جورج بوليتزار :"يحتوي كل تناقض بالضرورة على مظهرين يحدد
تناقضهما التطور الذي ندرسه ، و لا يجب أن نضع هذين المظهرين - أو هذين القطبين –
في مستوى واحد"(31) ففي روسيا قبيل ثورة أكتوبر الاشتراكية
كانت البرجوازية هي الطرف الرئيسي في التناقض بينما البروليتاريا هي الطرف الثانوي
، وبعد الثورة انقلبت الأدوار فأضحت البروليتاريا الطرف الرئيسي في التناقض
والبرجوازية الطرف الثانوي ، وهذا يصح أيضا على الظواهر الطبيعية فالماء مثلا
تتناقض ضمنه قوتان، قوة تجميع الذرات التي يتكون منها، و قوة تفكيكها ، و عندما
تكون القوة الأولى هي الطرف الرئيسي فإن الماء يتجه ناحية التجمد ، أما عندما تكون
قوة التفكيك هي المهيمنة فإنه يتجه ناحية التبخر و ليست حالة السيولة إلا حالة
عابرة/مؤقتة ناتجة عن توازن بين القوتين المتضادتين .
و الواضح أن نقادنا يعانون من قصور نظري في الإحاطة بالدلالة
الفلسفية للتناقض فهم يعتقدون أن التناقض ضمن الظواهر المختلفة لا يخضع للتصنيف
القاضي بالتمييز بين طرفين، أحدهما رئيسي و الآخر ثانوي و الحجة على ذلك برأيهم أن
المادية الجدلية لا تعترف إلا بحلول الجديد محل القديم ، فياله من اكتشاف عظيم
وحجة دامغة!! فهل هناك تناقض بين القول بأن التناقض يحتوي طرفين /قطبين/ أحدهما
رئيسي و الآخر ثانوي والقول بأن الجديد يحل محل القديم؟ أ لا يحل الجديد محل
القديم لأن الطرف الثانوي أضحى هو الرئيسي بينما تحول الرئيسي (سابقا) إلى ثانوي ؟
ثم ألا يؤكد ماو تلك الحجة التي يعترض من خلالها منتقدوه عليه، حين يقول: "إن
تغيرات المجتمع ترجع في الأساس إلى تطور التناقضات الباطنية فيه وهي التناقض بين
القوى المنتجة و علاقات الإنتاج والتناقض بين الطبقات و التناقض بين القديم و الجديد
وتطور هذه التناقضات هو الذي يدفع المجتمع إلى الأمام، يدفع المجتمع الجديد لكي
يقضي على المجتمع القديم"(32). و يناقض هؤلاء أنفسهم إذ نراهم
يؤكدون إمكانية اعتماد هذا التصنيف بالنسبة إلى بعض الظواهر فقط و بالتالي لا يمكن
أن يعمم على كل الأشياء والظواهر و بهذا يقعون في تناقض فذلك التحديد يصح على
الظواهر الاجتماعية ولا يصح على الظواهر الطبيعية ولكن لماذا ؟! يقولون ان ذلك
يمكن ان يصح بالنسبة الى الظواهر الاجتماعية لا على غيرها !!! فينكرون بالتالي
عمومية قانون التناقض فصراع الضدين يمكن برأيهم أن يؤدي إلى تحول نوعي كما يمكن أن
لا يؤدي الى ذلك، و هذا في علاقة بالظروف الموضوعية رغم إقرارهم أن العامل الذاتي
هو محدد !!! السبب إذن في عدم انطباق ذلك التحديد على الظواهر الطبيعية هو أن صراع
الأضداد ضمنها غير مضمون النتائج بمعنى أن التحول النوعي ضمنها غير مضمون لتدخل
الظروف الخارجية و لا نعرف كيف و الحال أن هذا " الواقع الذاتي" محدّد
؟! إن نقاد ماو ينكرون التطور في مضمار الطبيعة بعد كل ذلك الضجيج حول قوانين
المادية الجدلية ، غير أنهم لا يدركون بالتأكيد ما يقولونه جراء الوهن الذي يعانون
منه على المستوى النظري ، فإذا كانت الأشياء يمكن أن تتطور نوعيا كما يمكن أن لا
تتطور و ذلك في علاقة بالظروف الخارجية ألا تصبح التناقضات الداخلية عديمة المعنى
بينما يكون العامل الخارجي المحدد وليس المكيّف ؟
و يصل الخلط و الاضطراب و عدم الدقة لدى نقادنا درجة مفزعة فهم
يخلطون بين العامل الذاتي وصراع الأضداد ، فهل يتماهى الواقع الذاتي مع صراع
الضدين ؟! هل الصراع بين البرجوازية والبروليتاريا مثلا هو عامل ذاتي ؟! أم أن
العامل الذاتي هو الطبقة العاملة و قد وعت ذاتها فتحوّلت من طبقة في ذاتها إلى
طبقة لذاتها من خلال تأسيسها لحزبها الثوري فأصبحت تطلب تحرّرها الذي لا يمكن أن
يكون في كل الأحوال كما بيّن ماركس و أنجلس إلا من صنعها هي نفسها ، فهذا هو معنى
العامل الذاتي أي واقع الذات الثورية المصممة على الكفاح و الثورة ، أماّ
البرجوازية التي يجري الصراع ضدّها فإنها بمؤسساتها و نهبها واستغلالها لا تمثل
واقعا ذاتيا بالنسبة إلى الشيوعيين وإنما واقعا موضوعيا عليهم تفسيره بدقة بغاية
تغييره. و بطبيعة الحال فإن هكذا خلط واضطراب و جهل على الصعيد النظري يسقط عن
منتقدينا شرف الادعاء أنهم ديالكتيكيون حتى النخاع بينما ماو (المسكين) مادي
ميكانيكي.
و عندما حاول منتقدونا دعم وجهة نظرهم بخصوص الاعتراض على ماو
لقوله بالطرف الرئيسي والطرف الثانوي في التناقض من خلال تقديم أمثلة تاريخية
ارتكبوا المزيد من الأخطاء، فقد أرادوا تصفية الحساب مع الماوية من خلال الإحالة
على تجارب الماويين في بعض البلدان، و اللافت للنظر أنهم لم يذكروا اسم منظمة
ماوية واحدة عند حديثهم عن إيران بل اكتفوا بالإشارة إلى "القوى
الماوية" التي تحالفت مع القوى الدينية و هم على جهل كما يبدو ذلك واضحا
بالتجربة الماوية في هذا البلد التي مثلتها على نحو خاص منظمة اتحاد الشيوعيين
الإيرانيين ( سربديران ) التي خاضت مواجهات عنيفة مع نظام الملالي سنة 1981 و
سيطرت لأيام على مدينة أمول و هي التي تحولت سنة 2001 إلى الحزب الشيوعي في ايران
(الماركسي اللينيني الماوي)، أما المنظمة التي ناصرت آية الله فهي منظمة زهمات
التي تبنت نظرية العوالم الثلاث سيئة الصيت. و في البلاد العربية لم يجدوا لإدانة
الماوية غير الإشارة إلى انحرافات منظمات برجوازية صغيرة بخصوص الحريات السياسية
أواخر السبعينات و كأنّ هذه الأمثلة حجة ضد ماو تسي تونغ بينما هم على بينة أنه في
ذلك الوقت كانت جميع الفرق التي نسبت نفسها الى اليسار تقريبا واقعة تحت تأثير
الماوية و لكن دون أدنى عمق نظري . ثم أ ليس من الإجحاف وصم الماوية بالعار لأن
هذه الفرقة أو تلك قد خانت الثورة، ألا يصح هذا الأمر بالنسبة الى الماركسية عامة
وهو ما حدث سابقا و يحدث حاليا و سيحدث في المستقبل حيث نجد فرقا انتهازية تزعم
قولا أنها شيوعية و ثورية بينما هي في خدمة الرجعية؟
لقد جاؤوا بهذه الأمثلة كما ذكرنا للإشارة إلى مخاطر الاستتباعات
المترتبة عن القول بوجود طرف رئيسي و طرف ثانوي في التناقض ، غير أنهم وقعوا هنا
أيضا عن جهل في خلط بين التناقض الرئيسي والتناقض الثانوي من جهة والطرف الرئيسي و
الطرف الثانوي في التناقض من جهة أخرى. ونشير هنا إلى أنه بالنسبة إلى الظاهرة
الاجتماعية توجد تناقضات مختلفة منها ما هو أساسي و ما هو رئيسي و ما هو ثانوي ،
وأن هذه التناقضات تتحول إلى بعضها البعض ، فسيرورة الحياة الاجتماعية السياسية هي
بمثابة تجلّي للتناقضات التي تحركها ، غير أنه في كل سيرورة لا يوجد إلاّ تناقض
رئيسي واحد يحددها ، و دور الشيوعيين في هذا المجال هو الإحاطة بالتناقضات جميعها
، و تحديد طبيعة كل منها ومن ثمة ترتيبها بحسب أهميتها ، لما لذلك من انعكاس على
مسار النضال الثوري و تطوراته المتلاحقة ، و بالتالي فانه لا يمكن صياغة البرنامج
الاستراتيجي و الخطط التكتيكية للثورة دون معرفة الشيوعيين الدقيقة للتناقضات في
هذا المجتمع أو ذاك، كما أن الممارسة العملية سوف تكون عمياء إذا لم توجهها نظرة
صائبة للتناقض وأنواعه المختلفة مما يستلزم الربط الوثيق بين المعرفة والممارسة ،
بين النظرية و التطبيق .
و في عصرنا الحاضر توجد تناقضات أساسية مثل التناقض بين
الامبرياليات والتناقض بين الامبريالية والشعوب و الأمم المضطهدة و التناقض بين
رأس المال والعمل، و التناقض الرئيسي السائد على صعيد عالمي حاليا هو التناقض بين
الامبريالية و الشعوب و الأمم المضطهدة و هو الذي يحدد تطور الظاهرة الاجتماعية
السياسية الآن في معناها العام ، ولأجل هذا فإن العواصف الثورية تهب بشكل خاص على
المستعمرات و أشباهها حيث تواجه الشعوب المناضلة الامبريالية و عملائها بقوّة
السلاح. غير أن هذا الأمر الكلّي لا يلغي خصوصية التناقض الرئيسي في كل مجتمع على
حدة ، فإذا كان التناقض الرئيسي في بلد مثل النيبال هو التناقض بين الامبريالية و
عملائها من جهة والشعب من جهة ثانية ، فإن التناقض الرئيسي في المجتمع الأمريكي هو
التناقض بين البرجوازية والبروليتاريا أي بين العمل و رأس المال.أما التناقض
الثانوي فهو ذاك الذي يكون أخفّ حدّة و يوجد بين قوى اجتماعية سياسية توجد بينها
مهام تاريخية مشتركة، غير أنها تختلف في مهام أخرى مرتبطة خاصة بالمسار اللاحق
للنضال الثوري ، فعلى سبيل المثال فإن التناقض بين البروليتاريا والفلاحين خلال
الثورة الوطنية الديمقراطية هو تناقض ثانوي وليس تناقضا رئيسيا.
أما بالنسبة إلى الطرفين الرئيسي والثانوي ضمن التناقض فأمرهما
مختلف تماما ، إذ يتعلق الحال هنا بالطرف المهيمن و الطرف المهيمن عليه ضمن
الظاهرة التي يشقها التناقض . ففي المجتمع الرأسمالي فإن البرجوازية هي الطرف
الرئيسي في التناقض بينها و بين البروليتاريا ، بينما تمثل هذه الأخيرة الطرف
الثانوي ، وعندما يحصل العكس أي يتحول الطرف الثانوي إلى طرف رئيسي و الطرف
الرئيسي إلى طرف ثانوي يكون التغيير في صميم الظاهرة الاجتماعية السياسية المعنية
بالحديث هنا أي المجتمع الرأسمالي قد حصل. و طبقا لهذه التوضيحات فإن الأمثلة التي
قدمها نقادنا لا تتعلق بالطرفين الرئيسي والثانوي ضمن التناقض وإنما بالتناقضين
الرئيسي والثانوي و شتان ما بين هذا و ذاك ، لهذا فإن تحميل ماو مسؤولية قول بعض
الجماعات بالتحالف مع الأطراف الظلامية بدعوى أنها تمثل الطرف الثانوي ضمن الرجعية
لا ينم عن حجاج نظري متين بقدر ما يعبر عن انتقائية فجة و كذب صريح ، فالماوية
تنظر إلى الجماعات الدينية الظلامية من زاوية التناقض الرئيسي بين الامبريالية و
الشعوب و الأمم المضطهدة لا من حيث كونها طرف ثانوي ضمن هذا التناقض أو ذاك و اذا
توخينا الدقة و دون الإغراق في تقديم أمثلة تفصيلية فان التيارات الخوجية هي
المتحالفة الآن مع الظلامية بدعوى حشد كل القوى لمقاومة الاستبداد وفرض الحريات
السياسية .
و في إطار مناقشة هذه المسألة نود الإشارة إلي التطابق التام بين
منتقدينا و من ورائهم أنور خوجا من جهة و التحريفية الخروتشوفية من جهة ثانية فقبل
خوجا شن المحرفان الروسيان كونستانتينوف وسلادكوفسكي في كتابهما نقد المفاهيم
النظرية لماو تسي تونغ هجوما سافرا على الفهم الماوي للديالكتيك معتبرين انه يجد
جذوره في الفلسفة الصينية الكلاسيكية التي تنظر إلى المتناقضات باعتبارها تبدل
أماكنها فقط مما يعني عدم وجود أي تطور فكل شي يدور في تكرار دائري حيث نقرأ
" تتخلل تاريخ الفلسفة الصينية كلها فكرة وجود مبادئ متناقضة في الطبيعة و في
المجتمع و عن علاقتها المتبادلة و تأثيرهما المتبادل، و لكن العلاقات المتبادلة
بين تناقضات العالم الموضوعي عند الفلاسفة الصينيين لم تتم صياغتها بدقة كقانون
عام لإثبات الوجود، و يعاني مفهومهم عن التناقضات ميتافيزيقية مفرطة. و ظهرت
التناقضات في الجوهر بعيدة عن بعضها البعض في الزمان والمكان، وعند الانتقال من
تناقض إلي آخر لم تحدث عملية داخلية للانتقال والصلة بين المتناقضات وإنما مجرد
تغيرها الخارجي أو تبديل الأماكن ، و عند هذا كان التطور يفهم علي انه يدور في
تكرار دائري"(33) و يرى المحرفان الروسيان أن كل ما كتبه ماو
في الفلسفة لا علاقة له بالماركسية و إنما بالفلسفة الصينية الإقطاعية و
البرجوازية الصغيرة حيث يقولان: "مصادر الفلسفة الماوية هي 1) الفلسفة
الصينية (الإقطاعية) 2 )التعاليم
البرجوازية والبرجوازية الصغيرة سواءً الصينية أو
الأوروبية"(34) كما اتهم هؤلاء ماو بالابتذال تماما مثلما
فعل منتقدونا فما قام به ماو برأيهم هو "تفسير مبسط مبتذل"(35).
ويبدو جليا أن الخوجية والسائرين على طريقها لم يفعلوا أكثر من نسخ التحريفية
الروسية التي تتظاهروا بمعاداتها فالتهم الموجهة إلى ماو هي نفسها، يقول المحرفان
الروسيان: "إن الجمع الميكانيكي البحت بين الأضداد الواضحة في حد ذاتها لا
يعني علي الإطلاق الجدلية العلمية وبالعكس فهو ابتذال و امتهان و تزييف لها "(36) و
اتهام ماو بأنه مجرد برجوازي صغير يعود في حقيقة الأمر إلي الستينات
عندما تصدي للتحريفيين الخروتشوفيين فردّ هؤلاء بالقول انه ليس بماركسي و انه
امتداد للفلسفة الصينية الإقطاعية و ممثل للتطلعات القومية الشوفينية التي تريد أن
تجعل من الصين دولة كبري إلي آخر ذلك من منوعات الدعاية التحريفية التي افتضح
أمرها بعد ذلك بشكل مدوي ، و التي يرددها منتقدو ماو بحذافيرها في بعض الحالات ففي
كتاب : صفحات من سيرة ماو تسي تونغ السياسية لصاحبه فلاديميروف ريازانتسيف-دار
التقدم- موسكو 1976 نقرأ على سبيل المثال: "تمكن الحزب الشيوعي للاتحاد
السوفياتي من كشف جوهر الخط السياسي للقيادة الصينية و الذي اختلطت فيه النزعة
المغامرة البرجوازية الصغيرة بشوفينية الدولة الكبرى"(ص4) كما نقرأ أيضا ما
يلي: "اخذ الاتجاه المرتبط أساسا باسم ماو تسي تونغ في التبلور في التيار
البرجوازي الصغير الذي أطلقت عليه تسمية الماوية" (ص32).
و هذا الذي نقوله ليس اكتشافا لم يسبقنا إليه احد فالعلاقة بين
التحريفية الخوجية والتحريفية الروسية تبينت معالمها للكثير من الباحثين حتى أننا
نقرأ في معجم الماركسية النقدي ما يلي: "إن انتقادات انور خوجا في كتابه
الامبريالية و الثورة الصادر عن دار نورمان بيتون 1979 لا تختلف كثيرا عما فكر به
دائما الشيوعيون القريبون من السوفييت"(37).
---------------
الهوامـش:
1 - ستالين ، المادية الجدلية و المادية التاريخية، ضمن كتاب
: مسائل اللينينية، الترجمة الفرنسية، دار النشر باللغات الأجنبية ، بكين 1977 ، ص
855
2 -
لينين المادية و المذهب النقدي التجريبي ( حول الديالكتيك)، الترجمة
العربية، ضمن : المختارات المجلد 4، دار التقدم موسكو، 1978 ص 468
3 -
جورج بوليتزار ، أصول الفلسفة الماركسية القسم الأول ، المكتبة العصرية ،
بيروت-صيدا ص129
4 - م
ن ،ص ن
5 -
ماو،المختارات، المجلد 1، بكين، دار النشر باللغات الأجنبية ، الطبعة
الثانية 1977، ص 455.
6 - م
ن ،ص456
7 - م
ن ،ص 458
8 - م
ن ،ص ن
9 - م
ن ، ص459
10 -
لا يدرك نقاد ماو أن الطبقة العاملة تتضمن داخلها مجموعة من الاتجاهات و
التيارات و هو ما بينه البيان الشيوعي الذي يتحدث فيه ماركس و انجلس عن "
الشيوعيين (باعتبارهم ) من الناحية العملية احزم فريق من أحزاب العمال في جميع
البلدان و أشدها عزيمة " وكذلك ستالين الذي يقول " ما هو التيار السياسي
في الطبقة العاملة ؟ إن التيار السياسي في الطبقة العاملة هو عبارة عن جملة من
الناس أو حزب له سحنته السياسية الخاصة به المحددة تحديدا دقيقا واضحا، و له
مبادئه و مناهجه و هو الذي لا يخفي ، أو لا يستطيع أن يخفي طريقته في النظر إلي
الطبقة العاملة، بل ينادي بها صراحة و بأسلوب شريف تحت أنظار الطبقة العاملة، و هو
الذي لا يخشي إظهار سحنته السياسية للطبقة العاملة و إعلان أهدافه وغاياته
الحقيقية أمام الطبقة العاملة بل يتجه علي العكس نحو هذه الطبقة بوجه سافر
لإقناعها بصحة وجهة نظره " انظر: الإنسان أثمن رأسمال و في سبيل تكوين بلشفي
، دار دمشق ، دمشق ، بدون تاريخ ، ص 30-31 و رغم أن التروتسكية كانت معادية
للشيوعية فقد اعتبرها ستالين تيارا سياسيا ضمن الطبقة العاملة قائلا" كانت
التروتسكية في قلب الطبقة العاملة احدي التيارات السياسية من ذلك النوع المعادي
للينينية" المصدر نفسه ص 31 و قد كفت عن أن تكون كذلك عندما لجأت إلي التآمر
و المكر و إخفاء حقيقتها كما يبين ستالين .
11 -
ماو ، المختارات ،المجلد 1، مصدر سابق ، ص486
12 -
ستالين ، مسائل اللينينية، الترجمة الفرنسية، دار النشر باللغات الأجنبية ،
بكين1977 ، ص339
13 -
ماو ، المختارات، المجلد 1،مصدر سابق،ص489
14 - م
ن ، ص ن
15 -
ماو ، المختارات ، المجلد 1، ص 489
16 -
ماو المختارات، المجلد 1، ص489
17 - م
ن ، ص ن
18 -
لينين، الدفاتر الفلسفية ،ترجمة الياس مرقص، دار الحقيقة ، بيروت 1983 ،
ص136
19- م ن ، ص
241
20 -
ماو ،المختارات ، المجلد 1،ص 490
21 - م ن ،ص
491
22 - م ن ، ص
492
23ـ لاوتسو
هو من وضع أسس المذهب التاوي، و قد عاش خلال القرن السادس قبل الميلاد و تعني كلمة
لاوتسو المعلم العجوز، وهو من ألف كتاب " تاو-تي-كنغ" أو ما يمكن ترجمته
ب " الطريق" وعنه نشأت الديانة التاوية ، انظر : عمر عبد الحي ، الفلسفة
و الفكر السياسي في الصين القديمة ، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر، بيروت1999
. انظر أيضا: لاوتزو ، التاو،نصوص من الفلسفة الصينية القديمة ، ترجمه هادي علوي،
دار ابن رشد ، بيروت 1981 ، انظر أيضا ترجمة فراس السواح لنفس الكتاب تحت عنوان :
التاو إنجيل الحكمة التاوية في الصين، دار علاء الدين، دمشق 2000 ، حيث نقرأ في
فاتحة الكتاب " يعزي كتاب التاو إلي حكيم صيني غامض السيرة يدعي لاوتسو عاش
حياته خلال الفترة الواقعة بين أواسط القرن السادس و أواسط القرن الخامس قبل
الميلاد" ص 5 . و قد نقد ماو التعاليم التاوية وبين تهافتها .
24 - ماو ،
المختارات ، المجلد2 بكين 1969 ، دار النشر باللغات الأجنبية، ص 530
25 - م ن ،
ص532
26 - م ن ، ص
ن
27 - م ن ،
ص515-516
28 ----
--=--_ ماو ، المختارات ، المجلد 1 ، ص 61
29 - المصدر
نفسه ، ص 64.
30 - م ن ، ص
ن.
31 -
بوليتزار، أصول الفلسفة الماركسية، القسم الأول ، م س ، ص 187-188.
32 - ماو
المختارات ، المجلد 1، ص 457-458.
33 - مجموعة
من الكتاب الروس، نقد المفاهيم النظرية لماوتسي تونغ ، دار التقدم ، موسكو 1974
،ص20.
34 - م ن ، ص
.43
35 - م ن
،ص44.
36 - م ن ، ص
50.
37 - سوسان -
لابيكا ، معجم الماركسية النقدي ،الترجمة العربية ، محمد علي الحامي - الفارابي،
الطبعة الأولي ، بيروت 2003.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق